أنا فتاة عمري 19 سنة، متدينة، محجبة منذ الطفولة، تقريبًا سن 10 سنوات بإجبار من والدي المتدين.
مشكلتي أنني أريد خلع الحجاب، حاولت طول سنوات ارتدائي له أن أتكيف معه، لكنني فشلت وأصبحت الان كلما ارتديته أصاب بالصداع، والرغبة في البكاء، والضغط النفسي.
منذ شهر بكيت بشدة وصرخت وتشاجرت مع أهلي لرفضهم خلعي للحجاب، أنا منهارة وحزينة وأرغب في اعتزال الجميع وعدم الخروج من البيت وغرفتي، ما الحل؟
مرحبًا بك يا ابنتي..
تألمت لما تمرين به من مشاعر، أتفهم تأزم نفسك جيدًا، وأتألم لعدم تفهم أهلك للأمر.
مثل هذه الأزمات غالبًا ما يراها الأهل من منظور ضيق، فيسهل الوصم بنقص الإيمان، أو الرغبة في تقليد صحبة ما، إلخ، بينما الأمر الذي يعتمل داخل نفس صاحب المشكلة ليس هكذا بالمرة، وهو ما حدث معك.
فالبنسبة للنساء، ارتداء الحجاب أو النقاب، وخلعهم، أمور لا تتعلق بالشق الشرعي فحسب، وإنما تمس جانبًا شخصيًا عميقًا في العلاقة بالخالق، وآخر نفسي.
غالبًا ما يتعامل الأهل بتوتر وانزعاج عند بزوغ رغبة كخلع الحجاب، بسبب الحرص على علاقتك كإبنة بالله، وحبهم لك، وخوفهم عليك، بينما مسألة "الإرتداء أو الخلع" هي "قرار" يخص صاحبه، مثل أي قرار، وهناك تبعات ستترتب عليه ومسئولية تقع أيضًا على صاحب هذا القرار.
وأنت عمرك 19 سنة، أي بالغة مسئولة عن قرارتك، وتصرفاتك بشكل عام، ومسئولة عما سيترتب عليها، لا أهلك، ولا والديك.
وفي مناقشاتي معك للأمر هنا، لا أرى أن الأمر يحتاج لمقام الوعظ ولا النصح، بل الحوار، وتنوير الطرق أمام نفسك، للتبصرة بحقائق ربما لم تفطن نفسك إليها.
صديقتي..
لم لا تدعي شأن الحجاب المأزوم الآن جانبًا، وتتحرري من مشاعر الإجبار والقهر ومن ثم الرفض، وتفكري في نفسك، بعيدًا عن الإجبار الذي ترفضينه وفعله للأسف أهلك معك؟!
لم لا تضعي كل همك ومجهودك واهتمامك مع نفسك، فتقتربين من ذاتك، فتكتشفين ما تحبه، وما تكرهه، وما تريده، ما احتياجاتها، وماذا عن اختياراتها؟
لم لا تخوضين رحلة حياتك من الآن، وتتعلمين كيف يتم لك هذا بـ"وعي"، وعي تام بمشاعرك وأفكارك، بعيدًا عما يريده أن تكوني عليه من حولك؟
صديقتي..
قربك من نفسك الحقيقية، والسير في طريق النضج والكبران النفسي هو الحل، لا الحزن، ولا الانهيار، ولا التقوقع على الأزمة وداخلها.
البحث عن مساحات في الحياة يكون لديك شغف فيها، سواء كان هذا في العلاقات، أو الطموحات، أو الهوايات ، إلخ هو الحل، وما أراه أن تنشغلي بهذا كله وتبادري إليه، وبعدها تفكري من جديد في موقفك من الحجاب، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.