بقلم |
محمد جمال حليم |
الاحد 13 سبتمبر 2020 - 06:00 م
لم تكن صدفة الأمطار الغزيرة التي هطلت على الحرمين أمس ولفتت الأنظار لغزارتها لكن جاءت بتقدير الله فهي آية تستحق التفكر. يقول الدكتور محمد العجرودي متخصص في الإعجاز العلمي إن ما شهده الحرم المكي من سقوط أمطار تلفت النظر لهذه الآية الكونية التي تكلم الله عنها في أكثر من آية في كتابه. ويضيف في تدوينة له على صفحته الشخصية على الفيس بوك إن الجميع في أيامنا هذه يسأل الله الغيثَ؛ ففيه الحياة - بإذن الله- وفيه البشرى قال عز وجل: "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" (الأنبياء: 30)، ومن يحبه يأْنَس بنزوله، ويسبح كثيرا إذا توالَى نزول الماء الطهور من السماء. ويستطرد: المتأمل في الآيات القرآنيَّة التي تخبر عن الغيث، وتَصِف أحوال الناس قبله وبعده، وتَستعرض أثره، يجد بعض العِبر التي يطيب لي استحضارها: * ففي سورة الروم قال عز وجل: "اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ" (الروم: 48). هنا يُخبر - سبحانه - عن كمال قُدرته وتمام نِعمته، أنه يُرسل الرياح، فتُثير السحاب، فيتمدَّد في السماء، ويتَّسع على الحالة التي يُريدها خالقه سبحانه ، ثم يجعل السحاب كسفًا؛ أي: ثخينًا قد طبقَ بعضه على بعض، فترى الودقَ - وهو النقط الصغار المتفرِّقة - تَنزل من خلال السحاب، فلو نزَل الماء مرة واحدة، لأفسَد ما وقَع عليه، فإذا نزَل الغيث على عباد الله، استبشَروا وفَرِحوا. * وفي سورة الزمر، يقول تبارك وتعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ". (الزمر: 21). يجعل الله عز وجل من نزول الماء من السماء وآثاره من خروج النبات الملون من الأرض آيات تذكر أولي العقول والأفهام بقدرة الله القادر الحكيم. *وفي الفرقان يخبرنا عز وجل: "وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا" (الفرقان: 48 - 50). ماء طهور مطهر يحيي به الله الأرض الميتة ويسقيه الحيوان والإنسان ويجعل تصريف ذلك الماء بين الخلائق ذكرى للناس فيأبى أغلب الناس إلا أن يتعاموا عن آيات الله ويستمروا في الحيد عن عبادة الله وتوحيده وإفراده بالعبادة. وفي الحديث: "ليس عامٌ بأكثر مطرًا من عام، ولكنَّ الله يَصرفه كيف يشاء" ، ثم قرأ الآية: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا ﴾". *وفي سورة الشورى: "وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" (الشورى: 28). *وفي سورة الأعراف: "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" (الأعراف: 57). يجعل الله تعالى الغيث دليلا على رحمته ويزيل به قنوط الناس -أي يأسهم- وهو نعمة كبرى تستوجب دوام الحمد. * وفي سورة النور : "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ" (النور:43 - 44). الله سبحانه يسوق القِطَع من السحاب، ثم يؤلِّف بينها، فيجعله سحابًا متراكمًا مثل الجبال، ثم يَنزل المطر منه نقطًا مُتفرِّقة؛ ليحصل بها الانتفاع من دون ضررٍ، وتارة يُنزل الله من ذلك السحاب بردًا يُتلف ما يُصيبه، فيُصيب به مَن يشاء، ويَصرفه عمَّن يشاء، يكاد ضوء بَرقه يَذهب بالأبصار من شدَّته. ويختم بأهمية التفكر في آيات الله في الكون من الأمطار والرياح والعواصف وغيرها من الظواهر الكونية كما دعا للتفكر في كتاب الله المسطور؛ فما أحرَانا بالتفكُّر فيما حولنا من بديع صُنع الله تعالى، وفي كلِّ شيء له آية تدلُّ على أنه خالق واحد.