النبي صلى الله عليه وسلم كان نبيا بشرا وليس نبيا ملائكيا، وتجلّت عظمته صلى الله عليه وسلم في تفوقه على البشر فيما يخالجهم ويواجههم من السلوكيات والأخلاق التي فطر الله الناس عليها، ومن ذلك " الغِيرَة"، التي لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات خاصة المجتمعات العربية.
تقول السيدة ميمونة- رضي الله تعالى عنها- : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة من عندي فأغلقت دونه الباب فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له قال: أقسمت عليك إلا فتحت لي، فقلت له تذهب إلى بعض نسائك في ليلتي فقال ما فعلت ولكن وجدت حقنا من بول.
وعن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: نزل عذري من السماء، وكادت الأمة تهلك بسببي فلما سُرّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي: اذهب إلى ابنتك فأخبرها أن الله تبارك وتعالى قد أنزل عذرها، قال، فأتاني أبي وهو يعدو يكاد أن يعثر، فقال: أبشري يا بنية، إن الله عز وجل قد أنزل عذرك من السماء، قلت نحمد الله لا نحمدك، ولا نحمد صاحبك الذي أرسلك، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول ذراعي، فقلت بيده هكذا، فأخذ أبو بكر النعل ليعلوني به فضحك فمنعه وضحك، وقال أقسمت عليك لا تفعل.
وبعثت صفية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام قد صنعته له وهو عند عائشة.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاتقول عائشة: فلما رأيت الجارية أخذتني رَعْدة فضربت القصعة فرميت بها فعرفت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أعوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلعنني اليوم.
وكان الزنج يلعبون بالمدينة فوضعت عائشة منكبها على منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت تنظر إليهم.
ومن مظاهر الغية التي تغلب عليها ايضا صلى الله عليه وسلم تقول عائشة- رضي الله تعالى عنها- : كان في متاعي خفيفا، وكان على جمل ناج وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثقال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حولوا متاع عائشة على جمل صفية، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب».
قلت: يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا أم عبد الله، إن متاعك فيه خف، وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأ الركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها".
فقالت: ألست تزعم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أو في شك؟ أنت يا أم المؤمنين يا أم عبد الله، قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهلا عدلت وسمعني أبو بكر وكان فيه حدة، فأقبل علي فلطم وجهي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مهلا يا أبا بكر"، فقال: يا رسول الله، أما سمعت ما قالت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه".