ترى كثيرًا من الناس يعيشون في ضنك وفقر بين عينيه، وإذا سألته يشتكي إليك مر الشكوى من حاله، وهو يقول إنه لا يرى أملاً يلوح في الأفق، وكأن الدنيا كلها أظلمت في وجهه، ولا يدري أنه بين يديه نورًا لو تتبعه لعاش في نور متواصل لا ينقطع ضوؤه، ألا وهو نور نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم.

يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله : «واعلموا أنه ما مِن عبد مسلم أكثر الصلاة على محمد عليه الصلاة والسلام، إلا نوَّر الله قلبه، وغفر ذنبه، وشرح صدره، ويسَّر أمره، فأكثروا من الصلاة؛ لعل الله يجعلكم من أهل مِلَّته، ويستعملكم بسُنته، ويجعله رفيقنا جميعًا في جنته، فهو المتفضل علينا برحمته».

ليكن النبي صاحبك

ليكن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم صاحبك في كل خطواتك، ردد الصلاة عليه أينما كنت، وستجد العجب العجاب، والمعلوم أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم له محبة في القلوب لا تضاهيها أي محبة مهما كانت، وهذه المحبة لا بد منها للمسلم، لأنه لا يكتمل إيمانه إلا بها، ومن ثم لا ينير طريقه إلا بها، ولا يصل حد الطمأنينة والأمان إلا بها.

وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أنس بن مالك رضي الله عنه: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين».

ومن المعلوم أيضًا أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم هو أكمل البشر إيمانًا وخلقًا، لذا فلا عجب أن يكون لهذا الإيمان الكامل نور يلف وجهه الكريم، يبصره الجميع، لكن نوره ليس كسائر النور، فهو نور الهداية إلى الحق، والتواضع الشديد، ومن ثم فإن اتباع نور النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، يعني اتباع سنته المجيدة.

اقرأ أيضا:

الفرح بقدوم رمضان عبادة.. ماذا كان يفعل النبي فى استقباله؟

هل خلق من نور؟

هنا يتبادر إلى الذهن السؤال التقليدي، وهو هل الرسول صلى الله عليه وسلم، خلق من نور؟.. والحقيقة أن نبينا الأكرم بشري تمامًا فهو من دم ولحم وعظم كسائر البشر، إلا أن أخلاقه نور، وطريقه نور.

قال تعالى: «قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ » (المائدة: 15، 1).

فكلمة النور التي جاءت هنا تطلق في القرآن الكريم تارة على القرآن، وتارة أخرى تطلق على النبي صلى الله عليه وسلم، على اعتبار أن كلاًّ منهما ينير للبشر طريق السعادة.